سورة النور - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


{سُورَةٌ} أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة. {أنزلناها} صفتها ومن نصبها جعله مفسراً لناصبها فلا يكون له محل إلا إذا قدر اتل أو دونك نحوه {وفرضناها} وفرضنا ما فيها من الأحكام، وشدده ابن كثير وأبو عمرو لكثرة فرائضها أو المفروض عليهم، أو للمبالغة في إيجابها. {وَأَنزَلْنَا فِيهَآ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ} واضحات الدلالة {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فتتقون المحارم وقرئ بتخفيف الذال.


{الزانية والزاني} أو فيما فرضنا أو أنزلنا حكمها وهو الجلد، ويجوز أن يرفعا بالإِبتداء والخبر: {فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} والفاء لتضمنها معنى الشرط إذ اللام بمعنى الذي، وقرئ بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من نصب سورة لأجل الأمر والزان بلا ياء، وإنما قدم {الزانية} لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل وعرض نفسها عليه ولأن مفسدته تتحقق بالإِضافة إليها، والجلد ضرب الجلد وهو حكم يخص بمن ليس بمحصن لما دل على أن حد المحصن هو الرجم، وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة لقوله عليه الصلاة والسلام: «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدهما الآخر نسخاً مقبولاً أو مردوداً، وله في العبد ثلاثة أقوال. والإِحصان: بالحرية والبلوغ والعقل والإِصابة في نكاح صحيح، واعتبرت الحنفية الإِسلام أيضاً وهو مردود برجمه عليه الصلاة والسلام يهوديين، ولا يعارضه: «من أشرك بالله فليس بمحصن» إذ المراد بالمحصن الذي يقتص له من المسلم. {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} رحمة. {فِي دِينِ الله} في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أن تسامحوا فيه، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها» وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة وقرئت بالمد على فعالة. {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بالله واليوم الأخر} فإن الإِيمان يقتضي الجد في طاعة الله تعالى والاجتهاد في إقامة حدوده وأحكامه، وهو من باب التهييج. {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين} زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب، وال {طَائِفَةٌ} فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة وقيل واحداً واثنان، والمراد جمع يحصل به التشهير.


{الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً والزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} إذ الغالب أن المائل إلى الزنا لا يرغب في نكاح الصوالح والمسافحة لا يرغب فيها الصلحاء، فإن المشاكلة علة للألفة والتضام، والمخالفة سبب للنفرة والافتراق. وكان حق المقابلة أن يقال والزانية لا تنكح إلا من هو زان أو مشرك. لكن المراد بيان أحوال الرجال في الرغبة فيهن، لأن الآية نزلت في ضعفة المهاجرين لما هموا أن يتزوجوا بغايا يكرين أنفسهن لينفقن عليهم من أكسابهن على عادة الجاهلية ولذلك قدم الزاني. {وَحُرِّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} لأنه تشبه بالفساق وتعرض للتهمة وتسبب لسوء القالة والطعن في النسب وغير ذلك من المفاسد، ولذلك عبر عن التنزيه بالتحريم مبالغة. وقيل النفي بمعنى النهي، وقد قرئ به والحرمة على ظاهرها والحكم مخصوص بالسبب الذي ورد فيه، أو منسوخ بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُواْ الأيامى مِنْكُمْ} فإنه يتناول المسافحات، ويؤيده أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك فقال: «أوله سفاح وآخره نكاح والحرام لا يحرم الحلال» وقيل المراد بالنكاح الوطء فيؤول إلى نهي الزاني عن الزنا إلا بزانية، والزانية أن يزني بها إلا زان وهو فاسد.

1 | 2 | 3 | 4